انطلاق مبادرة "الأم الشطرنجية" دعمًا للاعبات اللاتي لديهن أطفال
أطلق الاتحاد الدولي للشطرنج في الأسبوع الماضي مبادرة الأم الشطرنجية "ChessMom"، وهي مبادرة تهدف إلى تقديم المساعدة المالية لعشر لاعبات بهدف اصطحاب أطفالهن الرضع إلى أولمبياد الشطرنج الخامس والأربعين والمقرر إقامته في سبتمبر من هذا العام في بودابست-المجر. حيث ستُغطى جميع نفقات سفر مرافق الطفل ويُعتبر كلًا من الطفل ومرافقه جزءًا من وفد البعثة الوطنية الرسمية.
كما أعربت نائبة رئيس الاتحاد الدولي WGM دانا ريزنيس أوزولا في بيان صحفي عن دعمها لهذه المبادرة:
"بصفتي لاعبة وأمًا لأربعة أطفال وناشطة في عالم الشطرنج فإنني أدرك جيدًا تحديات التوازن بين الحياة المهنية والحياتية التي تواجه الأمهات الشطرنجيات المحترفات، وضرورة تحملهن لوظيفة الأم في حياة طفلها، خاصة خلال السنة الأولى. ومن هذا المنطلق، يعمل الاتحاد الدولي للشطرنج بجدية على دعم هذه المبادرة بالكامل من خلال لجنة الشطرنج النسائية، وسنعمل بنشاط على استكشاف وتطوير طرق جديدة لمساعدة ودعم الأمهات لاعبات الشطرنج في المستقبل."
أعربت لجنة الشطرنج النسائية عن تطلعها الكبير لدعم هذه المبادرة، وتأمل أن تكون مصدر إلهام للاتحادات الوطنية لإنشاء سياساتها الخاصة لدعم اللاعبات الأمهات:
"اللجنة النسائية تحث الاتحادات الوطنية والقارية على إعادة النظر وتعديل متطلباتها للفرق الوطنية لتضمن وجود تدابير خاصة تخص لاعبات الشطرنج الأمهات. والأمل هو أن تتطور هذه المبادرة إلى دعم دائم للاعبات الشطرنج المحترفات اللاتي يواجهن تحديات الأمومة خلال البطولات الهامة."
الأمل هو أن تتطور هذه المبادرة إلى دعم دائم للاعبات الشطرنج المحترفات اللاتي يواجهن تحديات الأمومة خلال البطولات الهامة.
أمهات في القمة
أصبحت العديد من اللاعبات المحترفات أمهات على مدار السنوات العديدة الماضية، وقد حققت العديد منهن نجاحات كبيرة ومنهن وصلن إلى ذروة أدائهن سواء أثناء الحمل أو بعد الولادة. حيث تُوجت الأستاذة الدولية الكبيرة شو يوهوا بلقب بطلة العالم للسيدات لعام 2006 وهي في شهرها الثالث من الحمل، وفي عام 2005 وصلت الأستاذة الدولية الكبيرة جوديت بولغار إلى أعلى تصنيف في مسيرتها الشطرنجية، حيث كانت مصنفة ثامنة عالميًا بعد عودتها للعبة بعد أن رزقت بطفلها الأول في العام السابق. كما حققت الأستاذة الدولية الكبيرة ألكسندرا كوستنيوك أكبر إنجاز لها وهو فوزها في بطولة العالم للسيدات لعام 2008 بعد ولادة طفلها الأول في عام 2007.
في عام 2022 بينما كانت الأستاذة الهندية الكبيرة هاريكا درونافالي في شهرها التاسع من الحمل، لم تهزم في الأولمبياد الرابع والأربعين، مما ساعد فريق السيدات الهندي على الفوز بالميدالية البرونزية، وهي أول ميدالية له على الإطلاق. حيث شاركت هاريكا ما يعنيه هذا الإنجاز بالنسبة لها على منصة X:
لقد مضى 18 عامًا منذ ظهوري لأول مرة في صفوف فريق الشطرنج الهندي للسيدات... دائمًا ما كنت أحلم بالوقوف على منصة التتويج مع فريق السيدات، وأخيرًا تحقق الحلم هذه المرة.
كان الأمر ذو معنى أكبر بالنسبة لي لأنني حققت ذلك أثناء الشهر التاسع من الحمل، حيث أنني عندما عرفت عن إقامة الأولمبياد في الهند وعندما أخبرني طبيبي أنه من الممكن أن أشارك في هذه البطولة إن كانت صحتي جيدة دون أي مضاعفات، منذ ذلك الحين كانت حياتي مرتبطة بالسعي نحو اللعب في الأولمبياد وإحراز ميدالية.
قمت بتوجيه كل جهودي نحو تحقيق هذا الهدف، بدون حفلات استقبال مولود أو أي احتفالات، قررت أن كل شيء سيكون في متناولي بعد الفوز بالميدالية. استمررت في العمل بجد يومًا بعد يوم من أجل تحقيق أفضل أداء ممكن. كنت أعيش من أجل هذه اللحظة خلال الأشهر القليلة الماضية، ونعم، تحقق الحلم: حققت أول ميدالية أولمبية لفريق السيدات الهندي.
دائمًا ما كنت أحلم بالوقوف على منصة التتويج مع فريق السيدات، وأخيرًا تحقق الحلم هذه المرة.
—هاريكا درونافالي
🥉🇮🇳🙌🏻
— Harika Dronavalli (@HarikaDronavali) August 10, 2022
.
.
📸: @FIDE_chess official olympiad website pic.twitter.com/PldBnr1lAa
My little Valentine ❤️♾️🧿 pic.twitter.com/Rqghf2lfHh
— Harika Dronavalli (@HarikaDronavali) February 14, 2024
أسس مشتركة بين الرياضات المختلفة
اعتمدت الأمهات في كثير من الأحيان على الموارد الشخصية والمساعدة لدعم طموحاتهن التنافسية. حيث شاركت كوستينيوك في مقابلة مع الأستاذة الدولية بياتريس مارينيلو:
كنت ممتنة للغاية لموافقة زوجي ووالدتي على تقديم الدعم الكامل لي عندما أبديت رغبتي في المشاركة واللعب في بطولة العالم للسيدات، وذلك في الوقت الذي لم يكن طفلي يبلغ من العمر عامًا واحدًا.
عندما تضع المنظمات سياسات لدعم اللاعبات الأمهات، فإن ذلك يزيد من فرصة الوصول إلى المشاركة في البطولات لمجموعة أوسع من السيدات في هذه الرياضة. ومن ناحية أخرى، يمكن أن يؤدي الافتقار إلى سياسات واضحة إلى خلق حواجز تعسفية أمام اللاعبات اللاتي يواجهن تحديات الأمومة. على سبيل المثال، في أكتوبر 2023، أشارت الأستاذة الدولية التركية كوبرا أوزتورك إلى أن اتحادها أنهى راتبها الشهري واستبعدها من المنتخب الوطني عندما اكتشف أنها حامل، على الرغم من نفي اتحاد الشطرنج التركي لهذه الادعاءات (يمكن الاطلاع على المزيد حول ذلك الأمر في تقرير الصحفي تارجي ج. سفينسن على موقع تشيس.كوم).
الصراعات المشابهة في عالم الرياضة العامة تمنحنا رؤية شاملة لتجارب المنافسات الأمهات. في عام 2023، رفعت بطلة كرة السلة ديريكا هامبي دعوى قضائية بتهمة التمييز ضد فريقها السابق، وزعمت أنها تعرضت للانتقام بسبب حملها. وفي عام 2019، كشفت العداءات الأولمبيات أليسيا مونتانو وأليسون فيليكس وكارا غوتشر عن صراعات فردية مع شركة نايكي بسبب تخفيض الأجور بسبب الحمل. شاركت مونتانو تجربتها مع صحيفة نيويورك تايمز:
يسمح قطاع الرياضة للرجال بالحصول على مهنة كاملة، وعندما تقرر المرأة إنجاب طفل، فإن ذلك يدفعهم إلى الخروج في أوج عطائهن. أنا أليسيا مونتانو، أنا لاعبة أولمبية وأنا بطلة وطنية. لقد كنت واحدة من أفضل ثلاثة عداءات في العالم، وأنا أم.
عندما كنت حاملًا بلينيا، استمررت في التدريب. حتى شاركت في سباق كبير، وكانت هذه خطوة مهمة بالنسبة لي. حتى أطلقوا عليّ لقب "العداءة الحامل". أردت تغيير الصور النمطية حول الحمل تمامًا.
أردت تغيير الصور النمطية حول الحمل تمامًا
―أليسيا مونتانو
سياسات تستند إلى البراهين
تم إجراء العديد من الدراسات لتحديد العوامل التي يمكن أن تساعد أو تعيق عودة الأمهات إلى ممارسة الرياضة. وفي عام 2023، ألقت استعراض شامل لـ 22 دراسة نشرت في المجلة البريطانية للطب الرياضي الضوء على سبب تصديق الدعم التنظيمي كعامل رئيسي:
عندما لا تُوفِّر المنظمات الرياضية المساعدة في التنقل ورعاية الأطفال لعائلة اللاعبة، تضطر اللاعبات إلى تحمل هذه التكاليف من نفقتهن الخاصة، وهو ما قد لا تكنّ اللاعبات قادرات دائمًا على تحمله. وبينما يُعتبرن اللاعبات المحترفات في قمة مستواهن الرياضي، إلا أن العديد منهن ينتمين إلى فئة الدخل المنخفض ويكسبن أقل بكثير مما يكسب نظراؤهن من الذكور.
ونتيجة لدخلهن، اضطرت العديد من اللاعبات المحترفات في كثير من الأحيان إلى السفر من دون عائلتهن والاعتماد على دعم الأسرة لرعاية الأطفال من أجل تمكينهن من التدريب والمنافسة. ولكن هذه الترتيبات لا تخلو من آثار سلبية بارزة. فعلى سبيل المثال، تسبب السفر بدون عائلة في شعور العديد من اللاعبات بمشاعر سلبية مثل الذنب والأنانية والشك في كونهن أمًا جيدة. وبالمثل، أدى الاعتماد المفرط على الأسرة لرعاية الأطفال إلى تعرض بعض اللاعبات لانتقادات اجتماعية بشأن أدوارهن كأمهات.
أجريت دراسة في عام 2022 حول العواقب المحتملة للحمل على المسيرة الرياضية، حيث تم تحديد نقص التمويل الآمن للاعبات المحترفات الحوامل كسبب رئيسي وراء تفكيرهن في الآثار المالية للحمل وتأثيره على حياتهن المهنية. وفي أغلب الحالات اختارت اللاعبات تأجيل الحمل أو التقاعد من ممارسة الرياضة.
أسفرت المراجعة النظرية عن:
هذا سيساعد في توجيه تطوير السياسات القائمة على الأدلة التي تقدم الدعم للاعبات المحترفات خلال هذه المرحلة الفريدة في حياتهن، حيث لا تزال هناك عدد قليل من هذه السياسات حاليًا. تم تحديد فترة الانتعاش بعد الولادة، وإدارة متطلبات الأمومة والرياضة، وسياسات التنظيم الرياضي، والقوالب النمطية، والدعم الاجتماعي كأهم العوامل التي تؤثر على نجاح اللاعبات بعد الولادة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن إجازة الأمومة المدفوعة الأجر التي توفر الأمان الوظيفي، والدعم في السفر للطفل والمرافق، وسهولة الوصول إلى مرافق بأسعار معقولة، تعتبر من العناصر الأساسية في السياسات المصممة لدعم اللاعبات الأمهات بعد الولادة.
ومن هذا المنطلق يتم اتخاذ خطوات تدريجية نحو جعل البيئة الرياضية أكثر دعمًا للأمهات، حيث قامت شركة Nike في عام 2019 بمراجعة عقودها لتشمل حماية الأمومة. وفي عام 2020، أطلق الاتحاد الدولي لكرة السلة سياسات لإجازة الأمومة المدفوعة بالكامل ودعمها خلال الموسم من خلال توفير راتب رعاية الأطفال وتمويل الإسكان. تنضم مبادرة الأم الشطرنجية إلى هذه الجهود، حيث تقدم الدعم للأمهات الجديدات في المنافسات في الأولمبياد القادم وتُعتبر نموذجاً يُحتذى به للمنظمات الأخرى في عالم الشطرنج للنظر فيه.
شاركت مونتانو وجهة نظرها للمضي قدمًا مع القناة الإخبارية الـ19:
يجب أن نتأكد من أن هذه القضايا ليست مجرد معارك فردية تخوضها النساء أو الأمهات بمفردهن. من الأفضل أن تصبح هذه الأمور في سياسة الرياضات، حيث ينبغي لنا أن نعرف بوضوح "لا، ليس علينا أن نناضل من أجل هذا، هذه حقوقنا".
يجب أن نتأكد من أن هذه القضايا ليست مجرد معارك فردية تخوضها النساء أو الأمهات بمفردهن
―أليسيا مونتانو